واحة اليعقوب: رحلة إلى عالم سحري يحمل طابعًا طفوليًا
عندما تتصفح في خزانة الكتب وتجد عنوانًا مثل "واحة اليعقوب"، لا يمكن إلا أن تشعر بشغف يتجدد لرؤية ما قد أبدعته الأقلام في عالم الخيال. كان من الصعب الانتظار لأخوض تجربة جديدة مع عمرو عبد الحميد، الكاتب الذي أسس لنفسه مكانة مميزة في عالم الفانتازيا العربية. بعد الاطلاع على ملخص الرواية، شعرت أنني على وشك الانغماس في عالمٍ مليء بالتحديات والمغامرات، وهذه المرة في أجواء مفاعيلها تنبض بالحياة – حتى وإن كانت هذه الحياة مليئة بالعجائب والفوضى.
مغامرات في عوالم متشابكة
في قلب "واحة اليعقوب"، تجد نفسك في عالم غريب حيث تُسلب الأرواح وتُسرق وحدات الذكاء، في سرد يجمع بين الغموض والفانتازيا. يبدو أن عمرو عبد الحميد لم يترك شيئًا للصدفة؛ فهو يُغرِق القرّاء في تفاصيل مليئة بالدهشة، بدءًا من "الأشراف" ومرورًا بشعب "النسالى" وصولًا إلى الذئاب التي تعلن الحرب. عكست الرواية الشكل الفريد لكل عالم، مشهدًا متنوعًا يعكس براعة الكاتب في رسم عوالم جديدة.
تعيش أحداث الرواية من منظور شخصيات كـ "يوسف" و"عبير" و"عمران"، ما يعزز من قدرة القارئ على الارتباط بالشخصيات وإدراك تحدياتهم. ومع ذلك، انتابني شعور بأن البطلين كان بإمكانهما الاستفادة من أبعاد أعمق لقصص شخصيات أخرى مثل "ريم" أو "قاسم". ورغم ذلك، اعتقدت أن هذه الشخصيات – بخلفياتهم، وأحلامهم، وحتى مخاوفهم – أضأت جوانب الإنسانية في عالمٍ مليء بالغرائب.
أسلوب سرد مُثير وأحداث متقلبة
استمتعنا بأسلوب السرد الذي يجمع بين قليلة التفاصيل وغزارة الأحداث؛ فعمرو عبد الحميد يذكرنا بأسلوب "تشايكوف" في إظهار تفاصيل صغيرة قد تُحدث فارقًا كبيرًا لاحقًا. مؤكدًا ذكاء الكاتب في توظيف الحبكة بأسلوبٍ يُبقي القارئ على حافة مقعده في كل فصل، ليتفاجأ بنهاية غير متوقعة.
لكن، كما هو الحال في عالم السحر، وجدت بعض المعجزات هنا قد جاءت بشكل مبالغ فيه؛ أحداث غير محسوبة مثل "الأشجار التي تجري" جعلتني أعود بالنظر إلى الخلف أحيانًا، مع شعور بأن بعض الأحداث كانت في حاجة إلى المزيد من التمرير. وكأن المحرك العاطفي للنص عانى قليلاً من الترهل.
النهاية التي أثارت التساؤلات
على الرغم من أن النهاية كانت مُرضية، إلا أنني شعرت ببعض الاستسهال، وكأنه كان هناك مستوى أقل من العظمة التي توقعها الكثيرون من عمرو عبد الحميد. بدت النهاية كأنها طُرحت للحفاظ على الراحة النفسية للقارئ، وقد استخدم أسلوب التعدد السريع لإنهاء الخيوط الفوضوية للعالم المتشعب بلطف!
الخاتمة
"واحة اليعقوب" بالتأكيد تستحق القراءة، خاصة للمراهقين الذين يفتشون عن مغامرات في عوالم جديدة، فعالم عبد الحميد الواسع ومليء بالتفاعل والدهشة يجعل القارئ يتغلب على عقبات مشابهه لضياع الهوية أو الرحيل في المجهول. أعتقد أن كل من يحب الفانتازيا وعوالمها الممتعة لن ينفصل عن هذا العمل، وستظل للحظة قراءة رائعة في ذاكرتهم.
إنه ليس عملًا تقليديًا لكل الأذواق، ولكن لمن يحسن استغلال الخيال، "واحة اليعقوب" تقدم فرصة سانحة للسفر بعيدًا في مفاهيم جديدة ومتنوعة.
Discover more about واحة اليعقوب on GoodReads >>